لو نفسيتك تعبانة
انسى الدنيا وتعالى معايا دقيقة واحدة
من أحسن علاجات الأحزان والكآبة.. أن تتأمل سورة سيدنا يوسف.. أنزلها الله كي تخرج سيدنا محمدا من الحزن .. ومحورها الثقة في تدابير الله
هي السورة الوحيدة في القرآن، التي تقص قصة كاملة بكل أحداثها .. لذلك قال الله تعالى عنها: "أحْسَنَ القَصَص". لأنه ما زال العلماء والفقهاء والمفسرين يكتشفون فيها معاني جديدة كل فترة .. وهي تبدأ بحلم، وتنتهي بتفسير وتحقيق هذا الحلم ..
من الطريف أن
قميص يوسف:
- استُخدم كأداة براءة لإخوته .. فدل على خيانتهم.
- ثم استُخدم كأداة براءة بعد ذلك ليوسف نفسه مع إمرأة العزيز فبرَّأه.
- ثم استخدم للبشارة .. فأعاد الله تعالى به بصر والده.
نلاحظ أن معاني القصة متجسِّدة .. وكأنك تراها بالصوت والصورة ..
لكنها لم تجيء في القرآن لمجرد رواية القصص .. وهدفها جاء في آخر سطر من القصة وهو:
(إنَّهُ مَن يتَّقِ ويَصبر، فإنَّ اللهَ لايُضيعُ أجرَالمُحسِنين)
فمحور القصة الأساسي هو:
- ثق في تدبير الله.
- اصبر.
- لا تيأَس.
الملاحظ أن السورة تسير بوتيرة عجيبة .. مفادها أن الشيء الجميل، قد تكون نهايته سيئة والعكس..!
- فيوسف أبوه يحبه، وهو شيء جميل، فتكون نتيجة هذاالحب أن يُلقى في البئر!
- ثم الإلقاء في البئر شيء فظيع .. فتكون نتيجته أن يُكرَم في بيت العزيز.!
- ثم الإكرام في بيت العزيز شيء رائع .. فتكون نهايته أن يدخل يوسف السجن.!
- ثم أن دخول السجن شيءٌ بَشِع .. فتكون نتيجته أن يصبح يوسف عزيز مصر.!
الهدف من ذلك:
- أن تنتبه أيها المؤمن، إلى أن تسيير الكون شيءٌ فوق مستوى إدراكك .. فلا تشغل نفسك به. ودعه لخالقه يسيِّره كما يشاء .. وفق عِلمه وحِكمته.
- فإذا رأيت أحداثاً تُصيبُ بالإحباط ولم تفهم الحكمة منها.. فلا تيأس ولا تتذمَّر .. بل ثِق في حكمة الله، فهو مالك هذا المُلك وهو خير مُدبِّر للأمور ..
كما يفيد ذلك:
- أن الإنسان لا يجب أن يفرح بشىء قد يكون ظاهره رحمة ..لكنه يحمل في طياته العذاب أو العكس.
واجه سيدنا يوسف حياة شديدة الصعوبة منذ طفولته.. ولكنه نجح.
- ليقول لنا: إن يوسف لم يأتِ بمعجزات .. بل كان إنساناً عاديَّاً ولكنه اتَّقى الله فنجح.!
- وهي عِظة لكل شاب مُسلم مُبتَلى .
- وهي أمل لكل مَن يريد أن ينجح رغم واقعه المرير.
هي أكثر السور التي تحدَّثت عن اليأس.
- قال تعالى:
فلمَّا استَيأسوا منهُ خَلَصوانَجِيَّا (٨٠).
ولا تيأسوا مِن رَوحِ الله .. إنَّهُ لا ييأسُ مِن رَوحِ الله إلا القومُ الكافِرون (٨٧).
حتى إذا استيأس الرسلُ وظَنُّوا أنَّهُم قد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا (١١٠).
- وكأنها تقول لك أيُّها المؤمن:
إن اللهَ قادر ..فلِمَ اليأس؟!
إن يوسف رغم كل ظروفه الصعبة، لم ييأس ولم يفقد الأمل . . فهي قصة نجاح في الدنيا والآخرة:
- في الدنيا: حين استطاع بفضل الله ثم بحكمته في التعامل مع الملِك، أن يُصبح عزيز مصر ..
- وفي الآخرة: حين تصدَّى لامرأة العزيز ورفض الفاحشة ونجح ..
لقد نزلت هذه السورة على النبي في عام الحُزن.. كي يفرج الله كربه.
سورة يوسف ما قرأها محزون إلا هدأ حزنه .
تولى الله أمر يوسف،
فأحوج القافلة في الصحراء للماء .. ليخرجه من البئر!
ثم أحوج عزيز مصر للأولاد .. ليتبناه!
ثم أحوج الملك لتفسير الرؤيا..ليخرجه من السجن.
ثم أحوج مصر كلها للطعام .. ليصبح عزيز مصر.
إذا تولى الله أمرك .. هيأ لك كل أسباب السعادة وأنت لا تشعر..
فقط.. قل بصدق {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} ستجده يبعث الطمأنينة في قلبك .